:فصل الصيف والصلاة في الثياب الخفيفة. - الدكتور / أحمد بن محمد فاضل
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث الجمعة:
الحلقة: (79)
حديث الجمعة:
الحلقة: (79)
فصل الصيف والصلاة في الثياب الخفيفة.
الحمد لله رب العالمين القائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ونصلي ونسلم على سيدنا ونبينا محمد المبين لأمته كيف يعبدون، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛
يقول ربنا عز من قائل سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] عزيزي القارئ الكريم: العبودية التي أمر الله -عز وجل بها عباده- تعني إِقْرَارَ المسلم بِقَلْبِه وَلسَانه وجوارحه، وتعني خضوعَه خضوعاً مُطلقًا لخالقه الْوَاحِد الْوَاحِد الْأَحَد، والعبادة هي غاية وجود الإنسان في هذا الكون، وَمفهوم العبادة لَا يقْتَصر على الْمَعْنى الْخَاص الَّذِي يرد إِلَى الذِّهْن وَالَّذِي يُضيِّق نطاقَها، فيجعلُها محصورة فِي الشعائر الْخَاصَّة الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْمُؤمن، بل هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة” كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه: [العبودية (ص: 44)].
وأسمى تطبيق للعبودية الحقةِ لله نتصوره في الصلوات الخمس التي فرضها الله -عز وجل- علينا، حيث تجعلنا في خضوع تام لله سبحانه؛ لذا يجب أن نربي عليها أنفسنا وأبناءنا، فهي من أعظم فَرَائض الْإِسْلَام، فَهِيَ الرُّكْن الثَّانِي بعد الشَّهَادَتَيْنِ، وهي عماد الدّين الَّذي لَا يقوم الدّين بغَيْره، وَهي العون على احْتِمَال تكاليف الْحَيَاة ونوائب الدَّهْر، قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45].
وَهِي مُنَاجَاة من قِبَل العَبْد لرَبه، يَقُول النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-: “إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه” [أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب: المصلي يناجي ربه عز وجل ح: 531] وَمن هُنَا جَاءَ كَون الصلاة عمادَ الدّين، وَأَنه لَا مكانة للاستقامة أَو التخلق بِخلق الْإِسْلَام إِذا لم تكن الصَّلَاة متحققة بالطريقة الَّتِي أوضحها الشَّرْع، وعَلى النَّحْو الَّذِي أَرَادَه الله -عز وجل- أن تُؤَدَّى به من مراعاة لشروطها وأركانها.
وفي حلقة اليوم من ركن حديث الجمعة أحببت أن أتناول مع حضراتكم شرطا هاما من شروط الصلاة، ألا وهو ستر العورة، وذلك بمناسبة حلول فصل الصيف وشدة الحر وتخلص الناس من كثرة الملابس، واكتفائهم بالخفيف منها غير الساتر مما لا تجوز به الصلاة بل لا تصح به أحيانا، فكل ثوب لا يستر العورة في الصلاة فالصلاة لا تجوز به ولا تصح، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل في سراويل، وليس عليه رداء” [أخرجه أبو داود والحاكم].
وذلك إذا كان السروال ضيقا لصيقا شفافا؛ لأنه يحجّم العورة، وعورة الرجل من الرّكبة إلى السرّة. والمرأة كلها عورة، ما عدا كفيها ووجهها. فإذا كان السروال واسعاً غير ضيق صحت فيه الصلاة، والأفضل أن يكون فوقه قميص؛ لأن ذلك أكمل في السِّتر؛ ولأنه من الزينة التي أمرنا بها في قول الله –تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والمراد بالزّينة: محلها وهو الثّوب، وبالمسجد الصّلاة، أي: البسوا ما يواري عورتكم عند كلّ صلاة، ومن هنا يتبين لنا خطأ من يصلي في هذه السراويل الخفيفة الرقيقة، أو يصلي في نصف السراويل المسماة (بالشورطات) التي هي فوق الركبة، أو تحتها بقليل، لكن عند الركوع والسجود تنحسر فتنكشف الركبة وما فوقها، فتظهر بذلك العورة، وإذا ظهرت العورة بطلت الصلاة.
ومما يقع من مخالفات مع هذه السراويل الخفيفة، أو نصفها (الشورطات) أن عورة الرجل المغلظة تظهر عند الركوع والسجود، حيث يظهر ظهر المصلي وجزء من سوأته – في بعض الأحايين إن لم يكن في معظمها – وهو راكع أو ساجد لله سبحانه، ومما أجمع عليه العلماء إذا ظهر بعضُ الظهر، وبعضُ العجز، مما هو عورة، بطلت الصّلاة.
ذلكم أهم شرط من شروط الصلاة يجب أن ننتبه إليه حتى تصح صلاتنا وتكون مقبولة عند الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وأن يهدينا إلى سواء السبيل آمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صوت سوس : الدكتور / أحمد بن محمد فاضل
أما بعد؛
يقول ربنا عز من قائل سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] عزيزي القارئ الكريم: العبودية التي أمر الله -عز وجل بها عباده- تعني إِقْرَارَ المسلم بِقَلْبِه وَلسَانه وجوارحه، وتعني خضوعَه خضوعاً مُطلقًا لخالقه الْوَاحِد الْوَاحِد الْأَحَد، والعبادة هي غاية وجود الإنسان في هذا الكون، وَمفهوم العبادة لَا يقْتَصر على الْمَعْنى الْخَاص الَّذِي يرد إِلَى الذِّهْن وَالَّذِي يُضيِّق نطاقَها، فيجعلُها محصورة فِي الشعائر الْخَاصَّة الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْمُؤمن، بل هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة” كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه: [العبودية (ص: 44)].
وأسمى تطبيق للعبودية الحقةِ لله نتصوره في الصلوات الخمس التي فرضها الله -عز وجل- علينا، حيث تجعلنا في خضوع تام لله سبحانه؛ لذا يجب أن نربي عليها أنفسنا وأبناءنا، فهي من أعظم فَرَائض الْإِسْلَام، فَهِيَ الرُّكْن الثَّانِي بعد الشَّهَادَتَيْنِ، وهي عماد الدّين الَّذي لَا يقوم الدّين بغَيْره، وَهي العون على احْتِمَال تكاليف الْحَيَاة ونوائب الدَّهْر، قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45].
وَهِي مُنَاجَاة من قِبَل العَبْد لرَبه، يَقُول النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-: “إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه” [أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب: المصلي يناجي ربه عز وجل ح: 531] وَمن هُنَا جَاءَ كَون الصلاة عمادَ الدّين، وَأَنه لَا مكانة للاستقامة أَو التخلق بِخلق الْإِسْلَام إِذا لم تكن الصَّلَاة متحققة بالطريقة الَّتِي أوضحها الشَّرْع، وعَلى النَّحْو الَّذِي أَرَادَه الله -عز وجل- أن تُؤَدَّى به من مراعاة لشروطها وأركانها.
وفي حلقة اليوم من ركن حديث الجمعة أحببت أن أتناول مع حضراتكم شرطا هاما من شروط الصلاة، ألا وهو ستر العورة، وذلك بمناسبة حلول فصل الصيف وشدة الحر وتخلص الناس من كثرة الملابس، واكتفائهم بالخفيف منها غير الساتر مما لا تجوز به الصلاة بل لا تصح به أحيانا، فكل ثوب لا يستر العورة في الصلاة فالصلاة لا تجوز به ولا تصح، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل في سراويل، وليس عليه رداء” [أخرجه أبو داود والحاكم].
وذلك إذا كان السروال ضيقا لصيقا شفافا؛ لأنه يحجّم العورة، وعورة الرجل من الرّكبة إلى السرّة. والمرأة كلها عورة، ما عدا كفيها ووجهها. فإذا كان السروال واسعاً غير ضيق صحت فيه الصلاة، والأفضل أن يكون فوقه قميص؛ لأن ذلك أكمل في السِّتر؛ ولأنه من الزينة التي أمرنا بها في قول الله –تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والمراد بالزّينة: محلها وهو الثّوب، وبالمسجد الصّلاة، أي: البسوا ما يواري عورتكم عند كلّ صلاة، ومن هنا يتبين لنا خطأ من يصلي في هذه السراويل الخفيفة الرقيقة، أو يصلي في نصف السراويل المسماة (بالشورطات) التي هي فوق الركبة، أو تحتها بقليل، لكن عند الركوع والسجود تنحسر فتنكشف الركبة وما فوقها، فتظهر بذلك العورة، وإذا ظهرت العورة بطلت الصلاة.
ومما يقع من مخالفات مع هذه السراويل الخفيفة، أو نصفها (الشورطات) أن عورة الرجل المغلظة تظهر عند الركوع والسجود، حيث يظهر ظهر المصلي وجزء من سوأته – في بعض الأحايين إن لم يكن في معظمها – وهو راكع أو ساجد لله سبحانه، ومما أجمع عليه العلماء إذا ظهر بعضُ الظهر، وبعضُ العجز، مما هو عورة، بطلت الصّلاة.
ذلكم أهم شرط من شروط الصلاة يجب أن ننتبه إليه حتى تصح صلاتنا وتكون مقبولة عند الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وأن يهدينا إلى سواء السبيل آمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صوت سوس : الدكتور / أحمد بن محمد فاضل
Aucun commentaire